الثاني، بل يتعين ترجيحه لحكومة أدلة نفي الضرر على أدلة الأحكام بعناوينها الأولية كما هو واضح.
حكم الرشوة وضعا:
قوله: ثم إن كلما حكم بحرمة أخذه وجب على الأخذ رده ورد بدله مع التلف.
أقول: قد ذكرنا أن الباذل قد يعطي الرشوة للقاضي أو غيره ليحكم له على خصمه، وقد يحابيه في معاملة ليحكم له في الخصومات والدعاوي، وقد يرسل إليه هدية بداع الحكم له.
أما الأول فلا شبهة في ضمان القابض المال الذي أخذه من الدافع بعنوان الرشوة، كما لا شبهة في الحرمة عليهما تكليفا، فيجب على الأخذ رد المال أو رد بدله من المثل أو القيمة مع التلف.
قال في الجواهر: لا خلاف ولا اشكال في بقاء الرشوة على ملك المالك، كما هو مقتضى قوله (عليه السلام): أنها سحت، وغيره من النصوص الدالة على ذلك - إلى أن قال: - فإذا أخذ ما لم ينتقل إليه من مال غيره كان ضامنا (1).
ووجه الضمان أن الرشوة في هذه الصورة إنما وقعت في مقابل الحكم فتكون في الحقيقة إجارة فاسدة أو شبيهة بها، فيحكم بالضمان لكونها من صغريات كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده، وهذه القاعدة وإن لم يرد عليها نص بالخصوص ولكنها متصيدة من الأخبار الواردة في موارد الضمان، فتكون حجة، وسيأتي ذكرها في محلها، ومن هنا ظهر بطلان القول بعدم الضمان إذا علم الدافع بالحرمة، لكون التسليط حينئذ