ما استثني من حرمة الولاية:
1 - أخذها للقيام بمصالح العباد:
قوله: ثم إنه يسوغ الولاية المذكورة أمران: أحدهما القيام بمصالح العباد بلا خلاف - الخ.
أقول: قد استثني من الولاية المحرمة أمران: الأول أن يتولاها للقيام بمصالح العباد، الثاني أن يتولاها مكرها على قبولها والعمل بأعمالها.
أما الأمر الأول، فقد استدل المصنف عليه بوجوه:
1 - أن الولاية إن كانت محرمة لذاتها كان ارتكابها لأجل المصالح ودفع المفاسد التي هي أهم من مفسدة انسلاك الشخص في أعوان الظلمة بحسب الظاهر وإن كانت لاستلزامها الظلم على الغير، فالمفروض عدم تحققه هنا.
وفيه: إن كان المراد من المصالح حفظ النفوس والأعراض ونحوهما، فالمدعى أعم من ذلك، وإن كان المراد منها أن القيام بأمور المسلمين والاقدام على قضاء حوائجهم وبذل الجهد في كشف كرباتهم من الأمور المستحبة والجهات المرغوب بها في نظر الشارع المقدس، فلا شبهة أن مجرد ذلك لا يقاوم الجهة المحرمة، فإن المفروض أن الولاية من قبل الجائر حرام في نفسها، وكيف ترتفع حرمتها لعروض بعض العناوين المستحبة عليها.
على أنه (رحمه الله) قد اعترف آنفا بأن الولاية عن الجائر لا تنفك عن المعصية، وعليه فلا يجوز الاقدام على المعصية لرعاية الأمور المستحبة، وقد اعترف أيضا في البحث عن جواز الغناء في قراءة القرآن بأن أدلة الأحكام الالزامية لا تزاحم بأدلة الأحكام الترخيصية، وقد أوضحنا المراد في المبحث المذكور.