المنوب عنه لا يقدر على الاتيان بأمور غير مصورة، وكذلك تجوز النيابة في الحج عمن لا يقدر عليه، مع أنه لا أمر حينئذ للمنوب عنه أصلا.
والتحقيق أن الأمر الاستحبابي (1) متوجه إلى جميع الناس للنيابة في العبادة عن الميت بل الحي في بعض الموارد، ولا شبهة أن هذا الأمر الاستحبابي المتوجه إلى كل أحد أمر عبادي، فيعتبر فيه قصد التقرب والاخلاص، وقد يكون واجبا إذا تعلقت به الإجارة، وقد تقدم بيان ذلك آنفا.
وعليه فالنائب عن الغير في امتثال عباداته إنما يتقرب إلى الله تعالى بالأمر المتوجه إلى نفسه، من دون أن يكون له مساس بالأمر العبادي المتوجه إلى المنوب عنه، بل لا يعقل أن يقصد النائب تقرب المنوب عنه ويمتثل أمره، أو يتقرب إلى الله بأمر المنوب عنه ويمتثله.
وعلى ما ذكرناه، فمورد الإجارة هو الواجبات أو العبادات المنوب فيها، وقد تقدم أن صفة الوجوب أو صفة العبادة لا تنافي الإجارة.
جواز أخذ الأجرة على المستحبات:
قوله: وأما المستحب.
أقول: العمل المستأجر عليه قد يكون حراما، وقد يكون واجبا، وقد يكون مكروها، وقد يكون مباحا، وقد يكون مستحبا، أما الحرام والواجب فقد تقدم الكلام عليهما، وأما المكروه والمباح فلم يستشكل أحد في صحة الإجارة لهما.