أما الناحية الأولى فلا شبهة في وجوب رد المأخوذ منه إلى مالكه المعلوم لكونه أمانة في يد الآخذ، وقد دلت الآية (1) على وجوب رد الأمانات إلى أهلها، ولا يفرق في ذلك بين أن يكون علم الآخذ بالحال قبل وقوع المال في يده أو بعده، وإنما الكلام في معنى الأداء، فهل هو مجرد اعلام المالك بذلك والتخلية بينه وبين ماله، أم حمله إليه واقباضه منه؟
قد يستظهر الثاني من الآية، فإن الظاهر من رد الأمانات إلى أهلها هو الرد الحقيقي، أي حملها إليهم واقباضها منهم، ولكن المرتكز في أذهان عامة أهل العرف والظاهر من ملاحظة موارد الأمانات أن المراد بأداء الأمانة إنما هو التخلية بينها وبين صاحبها، كما عليه أكثر الفقهاء (2).
ويؤيد ما ذكرناه بل يدل عليه أن المودع إذا طلب من الودعي حمل الوديعة إليه ذمه العقلاء، خصوصا إذا بعد موضع أحدهما عن الآخر واحتاج النقل إلى المؤونة، بل ربما يستلزم الحمل الحرج والضرر، وهما منفيان في الشريعة المقدسة، فافهم.
نعم لو نقلها الودعي من بلد الايداع إلى بلد آخر بغير داعي الحفظ وبدون إذن المالك وجب عليه ردها إلى بلد الوديعة.
وأما الناحية الثانية، أعني ما إذا كان المالك مجهولا، فيقع الكلام فيها من جهات شتى:
1 - وجوب الفحص عن المالك:
الجهة الأولى: هل يجب الفحص عن المالك أم لا؟