فيترتب عليه أمران: أحدهما براءة ذمة الزارع بما دفع إلى الجائر من الحقوق المذكورة، وثانيهما براءة ذمة الجائر من الضمان وإن ترتب عليه الإثم من جهة العصيان والعدوان، ونظير ذلك ما إذا غصب الغاصب مال غيره فوهبه لآخر وأجازه المالك.
ويرد عليه: أن إذن الشارع في أخذ الحقوق المذكورة من الجائر إنما هو لتسهيل الأمر على الشيعة لئلا يقعوا في المضيقة والشدة، فإنهم يأخذون الأموال المذكورة من الجائر، وأن إذنه هذا وإن كان يدل بالالتزام على براءة ذمة الزارع، وإلا لزم منه العسر والحرج المرفوعين في الشريعة، إلا أنه لا اشعار فيه ببراءة ذمة الجائر فضلا عن الدلالة عليها، وعلى هذا فتصديه لأخذ تلك الحقوق ظلم وعدوان، فتشمله قاعدة ضمان اليد وتلحقه جميع تبعات الغصب وضعا وتكليفا.
وأما تنظير المقام بهبة الغاصب المال المغصوب مع لحوق إجازة المالك، فهو قياس مع الفارق، إذ المفروض أن الجائر لم يعط الحقوق المذكورة لأهلها حتى تبرء ذمته بل أعطاها لغيرهم إما مجانا أو مع العوض.
وعلى الأول فقد أتلف المال فيكون ضامنا له وإن جاز للآخذ التصرف فيه، وعليه فالعوض يكون للأخذ وينتقل المال إلى ذمة الجائر، وعلى الثاني فالمعاملة وإن صحت على الفرض إلا أن ما يأخذه الجائر بدلا عن الصدقة يكون صدقة ويضمنه الجائر لا محالة.
ونظير ذلك أن الأئمة (عليهم السلام) قد أذنوا لشيعتهم في أخذ ما تعلق به الخمس أو الزكاة ممن لا يعطيهما أو لا يعتقد بهما، مع أن ذلك يحرم على المعطي وضعا وتكليفا.
3 - جواز أخذ الصدقات والمقاسمات من الجائر المستحل لذلك: