وثالثا: إن كلامنا في المقام في حرمة التشبيب بعنوانه الأولي، فاثبات حرمته لعنوان آخر عرضي كعنوان الهتك أو الإهانة أو غيرهما خروج عن محل الكلام.
2 - إنه إيذاء للمشبب بها وهو حرام.
وفيه: أنه لا دليل على حرمة فعل يترتب عليه أذى الغير قهرا، إذا كان الفعل سائغا في نفسه ولم يقصد العامل أذية الغير من فعله، وإلا لزم القول بحرمة كل فعل يترتب عليه أذى الغير وإن كان الفعل في نفسه مباحا أو مستحبا أو واجبا، كتأذي بعض الناس من اشتغال بعض آخر بالتجارة والتعليم والتعلم والعبادة ونحوها، وكثيرا ما يتأذى بعض التجار باستيراد البعض الآخر مال التجارة، ويتأذى الجار بعلو جدار جاره أو من كثرة أمواله، مع أن أحدا لا يتفوه بحرمة ذلك.
على أن النسبة بين التشبيب والايذاء أيضا عموم من وجه، إذ قد يتحقق التشبيب ولا يتحقق الايذاء، كالتشبيب بالمتبرجات، وقد يتحقق الايذاء حيث لا يتحقق التشبيب، وهو واضح وقد يجتمعان.
ما استدل به على حرمة التشبيب والجواب عنه:
قوله: ويمكن أن يستدل عليه بما سيجئ.
أقول: بعد أن أشكل المصنف على الوجوه المتقدمة واعترف بعدم نهوضها لاثبات حرمة التشبيب، أخذ بالاستدلال عليه بوجوه أضعف من الوجوه الماضية:
1 - إن التشبيب من اللهو والباطل فيكون حراما، لما سيأتي من دلالة جملة من الآيات والروايات على حرمتهما.
وفيه: أن هذه الدعوى ممنوعة صغرى وكبرى.