وقد يستدل على حرمة الاستماع بأدلة حرمة الغيبة، بدعوى عدم تحققها إلا بالمستمع، وفيه: أن حرمة الغيبة لا تلازم حرمة الاستماع وإن كان بينهما تلازم خارجا، فإن التلازم في الخارج لا يستدعي التلازم في الحكم، وقد جاز سماع الغيبة للرد جزما.
قوله: والظاهر أن الرد غير النهي عن الغيبة.
أقول: الغرض من رد الغيبة هو نصرة المغتاب وتنزيهه عن تلك الوقيعة وإن أفاد النهي عن المنكر أيضا، وأما النهي عن الغيبة فهو من صغريات النهي عن المنكر فيجري عليه حكمه، سواء قلنا بوجوب رد الغيبة أم لا.
ثم إن نصرة الغائب برد الغيبة عنه تختلف باختلاف المعائب، فإن كان العيب راجعا إلى الأمور الدنيوية فنصرته بأن يقول مثلا: العيب ليس إلا ما عابه الله من المعاصي، وإن كان راجعا إلى الأمور الدينية وجهه بما يخرجه عن كونه معصية، وإذا لم يقبل التوجيه رده بأن المؤمن قد يبتلي بالذنوب فإنه ليس بمعصوم، وهكذا ينصره في ذكر سائر العيوب.
حرمة الغيبة لا تلازم حرمة استماعها:
قوله: ثم إن المحرم سماع الغيبة المحرمة دون ما علم حليتها.
أقول: إذا سلمنا حرمة سماع الغيبة بالإرادة والاختيار فهل هو حرام مطلقا حتى مع جواز الاغتياب كما في الموارد المتقدمة، أو أنه يحرم مع حرمة الاغتياب فقط، أو يفصل بين علم السامع بالحلية فيلتزم بالجواز، وبين جهله بها فيلتزم بالحرمة.
وظاهر المصنف جواز الاستماع ما لم يعلم السامع حرمة الغيبة، لأنه قول غير منكر فلا يحرم الاصغاء إليه للأصل، وأما حديث: السامع أحد