وإذن فلا بأس بالالتزام بجواز بيع كل كتاب مشتمل على الآيات القرآنية، كالكتب المزبورة وغيرها.
بل قد يقال: إنه إذا جاز بيع كتاب مشتمل على أبعاض القرآن جاز بيع أبعاض القرآن بنفسها، لاتحاد الملاك فيهما، بل يجوز بيع مجموع القرآن حينئذ، فإن دليل المنع أعني به رواية سماعة لم يفرق فيه بين مجموع القرآن وأبعاضه، وحيث قامت السيرة القطعية على جواز البيع في الأبعاض كان ذلك كاشفا عن جواز بيع المجموع، ويكون ذلك وجها آخر لحمل الأخبار المانعة على الكراهة.
ولكن الذي يعظم الخطب أن السيرة دليل لبي فيؤخذ منها بالمقدار المتيقن، فلو تمت الأدلة المانعة عن بيع المصحف لم يجز الخروج عنها إلا بمقدار ما قامت عليه السيرة، أعني به الكتب المشتملة على الآيات القرآنية، ولا يمكن التعدي منها إلى الأبعاض المأخوذة من المصحف، فضلا عن التعدي إلى مجموع ما بين الدفتين والحكم بجواز بيعه.
بيع المصحف من الكافر:
قوله: ثم إن المشهور بين العلامة (رحمه الله) ومن تأخر عنه (1) عدم جواز بيع المصحف من الكافر على الوجه الذي يجوز بيعه من المسلم.
أقول: تحقيق الكلام هنا يقع في ناحيتين: الأولى جواز تملك الكافر للمصحف وعدم جوازه، الثانية أنه بناء على جواز بيعه من المسلم فهل يجوز بيعه من الكافر أو لا؟ وأما على القول بحرمة بيعه منه فيحرم بيعه من الكافر بالأولوية القطعية.