طعام الغير في المجاعة، والتصرف في أرضه لانجاء الغريق، وأكل المارة من ثمرته، وأكل اللقطة بعد التعريف المقرر في الشريعة، والتصرف في الأراضي المتسعة والأنهار الكبار، وكالتصرف فيما يؤخذ ممن لا يعتقد الخمس، فإن الأئمة (عليهم السلام) قد جعلوا شيعتهم في حل من ذلك واقعا ليطيب نسلهم، ولكن لا يمكن الذهاب إلى ذلك في مقام الاثبات إلا فيما دل الدليل عليه كما في الموارد المذكورة.
نعم يظهر ذلك من اطلاق جملة من الروايات، كقوله (عليه السلام) في رواية أبي ولاد المتقدمة: فلك المهنا وعليه الوزر (1)، وغير ذلك من الأخبار، ولكن العمل باطلاقها يقتضي إباحة أخذ الجائزة من الجائر حتى مع العلم التفصيلي باشتمالها على الحرام ولم يتفوه به أحد، وعليه فلا بد من رفع اليد عن اطلاقها وحمله على الشبهات البدوية أو المقرونة بالعلم الاجمالي الذي لا يوجب التنجيز.
ولنا أن نمنع دلالة تلك الروايات على جواز أخذ الجائزة من الجائر مطلقا، فإن السؤال فيها من جهة ما هو مرتكز في أذهان الناس، من أن الجائر لا يبالي بالحرام، وحينئذ فتكون أمواله مشتبهة بالحرام، إذ ليست أموال الجائرين مقطوعة الحرمة ليكون ذلك احتمالا موهونا في حقهم.
ويلوح هذا المعنى من بعض تلك الروايات، كصحيحة أبي ولاد التي تقدمت، بل الظاهر من بعضها تقييد الحكم بصورة الشك فقط، كرواية إسحاق بن عمار (2).