فإن هذه الرواية صريحة في أن الإمام (عليه السلام) إنما قبل هدية الرشيد ليزوج بها العزاب من آل أبي طالب لئلا ينقطع نسله، ولولا هذه الناحية المهمة لكان الرد أولى، فتدل على الكراهة ما لم تكن في الأخذ مصلحة راجحة.
ولكن يرد عليه أن اشمئزاز الإمام (عليه السلام) عن قبول هدية الرشيد ليس من جهة كونها من أموال الظلمة بل لاستلزامها المنة، فإن من أشق الأحوال أن يغصب أحد حق غيره ثم يهدي إليه هدية بعنوان التفضل واظهار العظمة.
والوجه فيما ذكرناه أن ما أعطاه الرشيد للإمام (عليه السلام) لا يخلو إما أن يكون من أمواله الشخصية، أو من بيت المال، أو من مجهول المالك، أو من معروف المالك، فإن كان من الأول فلا شبهة في جواز أخذه، وهو واضح، وكذلك أن كان من الثاني أو الثالث، فإن ولاية بيت المال ومجهول المالك للإمام (عليه السلام)، وإن كان من الرابع فللأمام (عليه السلام) أن يأخذه ويوصله إلى مالكه، وله أن لا يأخذه أصلا، إما أن يأخذه ويزوج به عزاب بني أبي طالب فذلك غير جائز.
اللهم إلا أن يقال: إنه من جهة كون الإمام (عليه السلام) أولى بالمؤمنين من أنفسهم، ولكن هذا بعيد عن مراد الإمام (عليه السلام) في الرواية.
ما استدل به على رفع الكراهة عن جوائز السلطان والجواب عنه:
قوله: ثم إنهم ذكروا ارتفاع الكراهة بأمور، منها اخبار المجيز.
أقول: ذكر الفقهاء (قدس سرهم) موارد لارتفاع الكراهة، بناء على ثبوتها في جوائز الظالمين:
منها: اخبار الظالم بحلية الجائزة وكونها من أمواله الشخصية، كأن