الإسلامية في أصقاعهم، نحو سبيل للمؤمنين على الكافرين، وطريق لهم عليهم لنفوذ الأحكام والحقائق الإسلامية في قلوبهم.
ولعل ذلك يوجب انصرافهم أو تزلزلهم عن تلك الخرافات الموجودة في كتبهم التي حرفت عن أصلها، ولم يتضح أن علة نفي السبيل على المؤمنين احترام المؤمن.
بل يمكن أن يكون له وجه سياسي، هو عطف نظر المسلمين إلى لزوم الخروج عن سلطة الكفار بأية وسيلة ممكنة; فإن تسلطهم عليهم وعلى بلادهم ليس من الله تعالى; فإنه لن يجعل للكافرين عليهم سبيلا وسلطة، لئلا يقولوا: «إن ذلك التسلط كان بتقدير من الله وقضائه، ولا بد من التسليم له والرضا به» فإنه تسليم للذل والظلم، وأبى الله تعالى ذلك; فإن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين.
وبهذه النكتة السياسية لنا أن نقول: إن نشر الكتاب العزيز مع ما له من المحاسن والمعاني العالية والأسلوب الخاص به، ومع اشتماله على الحقائق والمعارف التي تخلو منها سائر الكتب المتداولة - كالتوراة والأناجيل الموجودة بأيديهم - راجح بل لازم، والمسلمون مأمورون بتبليغ الإسلام والأحكام، وأحسن وسيلة لذلك نشر كتاب الله تعالى في بلاد الكفار، وكذا نشر سائر الكتب المقدسة المشتملة على الأخبار والمعارف الإلهية.
والقول: بلزوم حفظ القرآن وسائر المقدسات عن الوصول إليهم، خلاف مذاق الشارع الأقدس; من لزوم تبليغ الإسلام، وبسط أحكامه، ولزوم هداية الناس مع الإمكان بأية وسيلة ممكنة، واحتمال مس الكتاب أحيانا لا يزاحم تلك المصلحة الغالبة.
ولهذا أرسل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) - على ما في التواريخ - مكاتيبه الشريفة