فقد يقال: إن وقوعه بعد قوله تعالى: (فالله يحكم بينكم...) إلى آخره، دليل على أن المراد نفي السبيل في القيامة (1)، وأنت خبير بأنه ليس بشئ.
نعم، يمكن أن يقال: إن قوله ذلك لنكتة مذكورة في الصدر، وهو قوله تعالى: (لكم فتح من الله) فجعل الفتح منه تعالى وبتأييده وإمداده.
وقال في الكفار: وإن كان لهم نصيب فلم يسمه فتحا، ولا نسبه إلي نفسه.
فلعل قوله: (ولن يجعل الله) ناظر إلى هذه التفرقة; وأن النصيب الذي لهم ليس بإمداد من الله وتأييد وجعل سبيل، بخلاف فتح المسلمين، فإنه فتح من قبل الله، وجعل سبيل للمسلمين عليهم.
لكن مع ذلك لا توجب تلك المناسبة صرف الكبرى إلى خصوص المورد، فلا يبعد استفادة مطلق السبيل منه.
ثم إن إسراء الحكم من المؤمنين إلى كتاب الله وسائر المقدسات، والقول:
بتحريم النقل إليهم، أو بطلانه، أو عدم تملك الكافر إياها، إما بدعوى أن تسلطهم عليها سبيل على المؤمنين (2)، أو بأن علة نفي السبيل موجودة فيها; فإن حرمة القرآن أعظم من حرمة المؤمنين (3).
غير وجيه; فإن مالكية الكتاب ونحوه من كتب الأحاديث والفقه وغيرها - أو كون المالك مسلطا على ماله بالبيع والشراء - ليس سبيلا على المؤمنين، لو لم نقل: بأن نشرها في بلاد الكفار، وبسط المعارف الإلهية والأحكام والشرائع