الفقهاء لم تكن منزلتهم كذلك، بل المراد في الرواية هو النبي المأمور بالإبلاغ، وهو الرسول عينا، فحينئذ إذا ثبت شئ للرسول، ثبت للفقيه بالوراثة، كوجوب الإطاعة ونحوها، فلا شبهة من هذه الجهة أيضا.
والعمدة شبهة أخرى، وهي أن احتفاف الرواية بتعظيم العلماء بأن: «من سلك طريقا يطلب فيه علما...» كذا، وأن الملائكة بالنسبة إليهم كذا، وأن الموجودات تستغفر لطالب العلم، وأن فضلهم كذا، وبقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، ولكن ورثوا العلم، فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر» ربما يمنع عن فهم عموم التوريث (1)، وإن لم يبعد ولو لأجل المناسبات التي ذكرناها من قبل.
وكيف كان: لا يفهم منها انحصار إرث الأنبياء في العلم أو الرواية; ضرورة أن للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) جهات شتى، ورثها الأئمة (عليهم السلام).
وقوله (عليه السلام) في رواية أبي البختري: «وإنما أورثوا أحاديث من أحاديثهم» (2) لا يراد به الحصر، بل المراد منه أنهم (عليهم السلام) أورثوا العلم بدل الدرهم والدينار، فالحصر - لو كان - إضافي.
مع أن «إنما» لا تدل على الحصر، بل لا تفيد إلا التأكيد والتثبيت.
فتوهم: أن هذا الحديث مناف لما سبق وهادم للولاية، في غاية الفساد; للزوم أن يكون هادما لوراثة الأئمة (عليهم السلام) أيضا، وهو ضروري البطلان.
مع أنه لا منافاة بينه وبين ما سبق; لأن الأخبار السابقة دالة على النصب، كقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «خلفائي» و «حصون الإسلام» و «أمناء الرسل» و «جعلته