ولا فرق في الضمان حال وجودها وتلفها (1)، فلا بد إما من الالتزام بأن الإبراء بمنزلة الاستيفاء، فمعه تحصل غاية الضمان التي هي الأداء; فإن الإبراء أيضا نحو استيفاء.
فعليه يلزمه القول: بأنه مع وجود العين أيضا يكون الإبراء استيفاء للمأخوذ، ولازمه خروج العين الموجودة عن ملك مالكها; لعدم تعدد المال له، والمفروض وصول ماله الذي اخذ منه، وهذا مما لا أظن التزام أحد به.
ولو قيل: لو فرض قصور دليل اليد عن ذلك، فلا قصور لغيره، كقوله (عليه السلام):
«الغصب كله مردود» (2).
يقال: إذا فرض حصول الغاية لدليل اليد، يقع التعارض بينه وبين ما ذكر، وهو حاكم عليه، فتدبر.
وحيث لا يمكن الالتزام بذلك، ولا يسع القائل التفصيل بين زمان وجود العين وغيره، بعد وحدة الدليل، ووحدة المضمون، وعدم تغيره حال الوجود والتلف، فلا يمكن أن يقال: إنه في زمان الوجود ليس الإبراء استيفاء، بخلاف حال التلف.
فلا بد له من الالتزام بأن إبراء ذمة أحدهم، لا يلازم براءة ذمة الآخرين، كما أنه في حال وجود العين، لا يكون إبراء أحدهم إبراء للآخرين.
والتفصيل: بين من كانت العين موجودة بيده وغيره; بأن الاستيفاء لا يؤثر بالنسبة إليه دون غيره، كما ترى.