بل مقتضى الأمر الخامس أن العقد وقع على ملك المشتري الأول، فلا يعقل أن يكون البيع على ماله فضولا - المبتني على صحة العقد الأول فعلا - موجبا لرده.
أن الرد في باب الفضولي يغاير الفسخ في باب العقود; فإن اعتبار الفسخ - عرفا وعقلا - بعد تمامية العقد بشرائطه.
فحينئذ لو قلنا: بأن العقد يتم بحصول شرطه في محله متأخرا، فلا يعقل أن يكون البيع من المالك فسخا; للزوم البيع الأول، وعدم خيار فسخ للمالك الأجنبي عن العقد الأول.
وإن قلنا: بأن تماميته موقوفة على عدم تعقبه بالرد، فلا يكون الرد فسخا; لعدم تسلط المالك على فعل الغير، أي إنشائه، وعدم كون الإنشاء تصرفا، بل له أن يقبل وأن لا يقبل، نظير قبول القابل; فإن عدم قبوله أو رده للإيجاب، ليس فسخا لفعل الموجب; أي إنشاء المعاوضة بين السلعة والثمن، لعدم تسلطه على فعل الغير، وإنما له السلطنة على فعل نفسه، فله قبول الإيجاب، وله عدم القبول، والرد لا يفيد شيئا زائدا على عدم القبول.
وبالجملة: لا دليل على سلطنة المالك على فسخ عقد الفضولي.
وما أفاده الشيخ الأعظم (قدس سره): من أن إنشاء الفسخ يبطل العقد من حينه - إجماعا، ولعموم تسلط الناس على أموا لهم - بقطع علاقة الغير عنها (1)، قد مر سالفا ما فيه (2).
فتحصل مما ذكر: أن رد بيع الفضولي وإيقاع فسخه لا يوجبان انفساخه; لعدم الدليل عليه، لو لم نقل: إن الدليل على خلافه.