وما قيل: من لزوم التوا لي بين الإيجاب والقبول (1)، إنما هو لتوهم أن القبول دخيل في العقد وركن فيه، ومع ظهور خلافه لا وجه للزومه.
فالبيع الفضولي لا يشذ بشئ إلا بتأخير القبول غالبا عن الإيجاب الذي هو تمام البيع، وعدم التوا لي بينهما، والبيع غير الفضولي لا يزيد عن الفضولي إلا باتصال الإجازة غالبا به.
نعم، قد لا يكون البيع فضوليا، كما إذا وكل الطرفان شخصا لإيقاعه، فحينئذ يكون الإيجاب كافيا، والقبول لغوا محضا، فالبيع المحتاج إلى القبول فضولي ليس إلا، وما لا يحتاج إلى القبول غير فضولي.
ولو بادر المشتري وقال: «اشتريت مالك بكذا» لكان منشئا لتمام ماهية المعاملة، ولو قال البائع: «قبلت» أو «أمضيت» ونحو ذلك، لصحت وتمت، وليس قول المشتري القبول المتقدم، بل إيجاب.
فالإيجاب قد يكون من البائع، وقد يكون من المشتري، فإذا أوجب المشتري يكون أصيلا بالنسبة إلى نفسه، فضوليا بالنسبة إلى البائع، وقبول البائع وإنفاذه كإنفاذ الفضولي، بل هو هو.
ففي مثل هذين الموردين مما هو مشمول للأدلة بلا إشكال، لم يكن العقد عقدا للمشتري في الفرض الأول، وللبائع في الفرض الثاني، بل كل منهما أنفذ ما أوجد صاحبه; أي تمام ماهية العقد، فيظهر من ذلك عدم لزوم كون العقد عقده في لزوم الوفاء، بل يكفي الانتساب الحاصل بالإنفاذ والإجازة.
بل على القول المعروف: من أن العقد مركب من الإيجاب والقبول، وكلا منهما ركن في حصوله (2)، لا يكون العقد والبيع عقدا وبيعا للبائع ولا للمشتري;