ويلائم جميع حالاتهم، وتوجهاتهم، فإنه يكون - بما له من المعنى - بحيث يتسع لتطبيقات عامة ومتنوعة، ويجمعها نظام المعنى العام.
ويساعد على اتساع نطاق تلك التطبيقات، ويزيد في تنوعها مدى المعرفة بمقام الألوهية، ومعرفة أياديه ونعمه وأسرار خلقه وخليقته تبارك وتعالى وما إلى ذلك.. من جهة.. ثم معرفة الإنسان بنفسه، وبموقعه، وحالاته.. و.. من جهة أخرى. فبملاحظة هذا وذاك يجد المعصوم نفسه - نبيا كان أو إماما - في موقع التقصير، ويستشعر من ثم المزيد من الذل والخشية، والخشوع له تعالى.
فالقاتل والسارق والكذاب حين يستغفر الله ويتوب إليه، فإنما يستغفر ويتوب من هذه الذنوب التي يشعر بلزوم التخلص من تبعاتها، ويرى أنها هي التي تحبس الدعاء وتنزل عليه البلاء، وتهتك العصم التي تعصمه، ويعتصم بها، وتوجب حلول النقم به.
أما من ارتكب بعض الذنوب الصغائر، كالنظر إلى الأجنبية، أو انه سلب نملة جلب شعيرة، أو لم يهتم بمؤمن بحسب ما يليق بشأنه.. وما إلى ذلك..
فإنه يستغفر ويتوب من مثل هذه الذنوب أيضا، ويرى أنها هي التي تحبس دعاءه، وتهتك العصم التي تعصمه ويعتصم بها، وتحل النقم به من أجلها.
وهناك نوع آخر من الناس لم يقترف ذنبا صغيرا ولا كبيرا، فإنه حين يقصر في الخشوع والتذلل أمام الله سبحانه، ولا يجد في نفسه التوجه الكافي إلى الله في دعائه وابتهاله، بل يذهب ذهنه يمينا وشمالا.. فإنه يجد نفسه في موقع المذنب مع ربه، والعاق لسيده، والمستهتر بمولاه. وهذه ذنوب كبيرة بنظره، لا بد له من التوبة والاستغفار منها.. وهي قد توجب عنده هتك العصم التي اعتصم بها، وحلول النقم، وحبس الدعاء، وقطع الرجاء، وما إلى ذلك.
أما حين يبلغ في معرفته بالله سبحانه مقامات سامية، كما هو الحال بالنسبة لأمير المؤمنين عليه السلام، أو بالنسبة لرسول رب العالمين، فإنه لا يجد في شيء مما يقوم به من عبادة ودعاء وابتهال: أنه يليق بمقام العزة الإلهية.
بل هو يعد الالتفات إلى أصل المأكل والمشرب والاقتصار على مثل هذه الطاعات تقصيرا خطيرا يحتاج إلى الخروج عنه إلى ما هو أسمى وأسنى، وأوفق بجلال وعظمة الله سبحانه، وبنعمه وبفضله وإحسانه وكرمه..