وأرضاه. قال ابن عباس: وكنت أول من انصرف فسمعت اللغط وخفت أن يعجل الحسين على من قد أقبل ورأيت شخصا علمت الشر فيه، فأقبلت مبادرا فإذا أنا بعائشة في أربعين راكبا على بغل مرحل تقدمهم وتأمرهم بالقتال، فلما رأتني قالت: إلي إلي يا ابن عباس لقد اجترأتم علي في الدنيا تؤذونني مرة بعد أخرى، تريدون أن تدخلوا بيتي من لا أهوى ولا أحب! فقلت: وا سوأتاه! يوم على بغل ويوم على جمل! تريدين أن تطفئي فيه نور الله وتقاتلي أولياء الله وتحولي بين رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبين حبيبه أن يدفن معه، إرجعي فقد كفى الله المؤنة ودفن الحسن إلى جنب أمه، ولم يزدد من الله إلا قربا وما ازددتم منه والله إلا بعدا! يا سوأتاه! إنصرفي فقد رأيت ما سرك! قال: فقطبت في وجهي ونادت بأعلى صوتها: أما نسيتم الجمل يا ابن عباس إنكم لذوو أحقاد! فقلت: أما والله ما نسيه أهل السماء فكيف ينساه أهل الأرض؟! فانصرفت وهي تقول:
فألقت عصاها فاستقرت بها النوى * كما قر عينا بالإياب المسافر).
(وبشارة المصطفى لمحمد بن علي الطبري / 418، والبحار: 44 / 151، عن أمالي الطوسي).
والثالثة، ما كتبه ابن عبد الوهاب في (عيون المعجزات / 57) وقد ألفه سنة 448، قال: (وكان سبب مفارقة أبي محمد الحسن (عليه السلام) دار الدنيا وانتقاله إلى دار الكرامة على ما وردت به الأخبار أن معاوية بذل لجعيدة بنت الأشعث زوجة أبي محمد (عليه السلام) عشرة آلاف دينار وقطاعات كثيرة من شعب سور وسوار الكوفة (قرى وبساتين مهمة) وحمل إليها سما فجعلته في طعامه، فلما وضعته بين يديه قال: إنا لله وإنا إليه راجعون والحمد لله على لقاء محمد سيد المرسلين، وأبي سيد الوصيين، وأمي سيدة نساء العالمين وعمي جعفر الطيار في الجنة، وحمزة سيد الشهداء! ودخل عليه أخوه الحسين (عليه السلام) فقال: كيف تجد نفسك؟ قال: أنا في آخر يوم من