من الله تعالى كما نتعامل نحن مع الأمور التكوينية، وهذا قد يوجب التفاوت بين تكليفه وتكليفنا، فالمعصوم (عليه السلام) لا يعيش الأسف والحسرة والحرص على تغيير القضاء أو رده، كما نعيشه نحن!
ومعناه أيضا: أن المعصوم (عليه السلام) عنده الوعي والقدرة الكافيين للانسجام مع ما علمه الله من غيبه، فهو يتعاطى مع الأمور على فعليتها، ومع الأشخاص على ظاهرهم حتى لو كانت المصلحة أن يخبر الناس بشئ عن المستقبل!
ومعناه أيضا: أن اختيار الإنسان ومسؤوليته عن أفعاله، لا تؤثر على هيمنة الله تعالى، فهو معها يملك (كل الأوراق) في السلوك الإنساني كما في التكوين!
وأن كل ما جرى ويجري من فعاليات البشر عامة، وفعاليات كل إنسان خاصة، خاضع للمخطط الكلي الكامل للكون والحياة، ومن هذه الفعاليات محاولات تغيير الأقدار، لأنها من الأقدار أيضا! وهذا معنى قوله (عليه السلام): (ولو أخرجتها ما يقتلني غيرها! كان قضاء مقضيا، وأمرا واجبا من الله)!
وهذا العقيدة صريحة في كتاب الله تعالى وأحاديث نبيه وآله (صلى الله عليه وآله) لكن تضيق عنها ظرفية أذهان عامة الناس! قال الله تعالى: ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شئ عليم. (التغابن: 11) أي يهدي قلبه فيما يهديه إلى عدم التنافي بين الحرية والمسؤولية وبين المخطط الإلهي والإذن بوقوع ما يقع! وقال تعالى: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين. (الأنعام: 59). وقال تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين. (هود: 6). وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين, (النمل: 75) وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير. (فاطر: 11).