النبي (صلى الله عليه وآله): حدثوا عن أهل الكتاب ولا حرج! فزعموا أنه أمرهم بأخذ ثقافة اليهود والنصارى! وكان بعض علماء البلاط يكذب ويرويها على أنها أحاديث نبوية!
كما تقضي خطة معاوية بتقريب اليهود وإحياء علاقات أبي سفيان القديمة بهم وجعل كعب الأحبار مستشارا دينيا للخليفة، كما كان مستشارا لعمر وعثمان!
كما توجب خطته الصلح مع الروم: (وكان معاوية أول من صالح الروم، وكان صلحه إياهم في أول سنة 42). أي بعد شهادة علي (عليه السلام). (تاريخ ابن خياط 154، واليعقوبي: 2 / 217).
كما يجب تقريب النصارى وتعيين شخصياتهم في ديوان الخلافة، وحتى ولاة على المسلمين، فكان سرجون حاجبه وصاحب سره (تاريخ دمشق: 20 / 161) وعين ابن أثال واليا على حمص ثمنا لسمه عبد الرحمن بن خالد بن الوليد! (فسقاه شربة فمات عبد الرحمن بحمص، فاستعمل معاوية ابن أثال على خراج حمص، وكان أركونا من أركنة النصارى عظيما). (تاريخ دمشق: 16 / 163) (ولم يستعمل النصارى أحد من الخلفاء قبله). (اليعقوبي: 2 / 223). إلى آخر معالم الخطة الأموية التي سماه النبي (صلى الله عليه وآله): الفتنة الأموية، وقد عرفت بعض معالمها مما تقدم!
فما هي العوامل التي جعلت الأمة تتغلب على هذه الموجة القوية وتجتازها رغم أنها خضعت لها عقودا وخنعت أمام حزبها النشيط الذي كان يفرض آراءه على المسلمين بالقتل بلا حساب، وبالترغيب بحساب!
لاشك أن مخزون الأمة الفكري والروحي والتجربي من العهد النبوي، كان العامل الأول، وكذلك نص القرآن الذي لا يمكن تطويعه للمشروع الأموي مهما تفنن مفسروهم بتحريف آياته، وتشبثوا بمتشابهاته.
وكذلك نهضة الإمام الحسين (عليه السلام) التي كشفت للأمة حقيقة بني أمية من جهة، ونبل أهل البيت النبوي (عليهم السلام) وتضحيتهم لحفظ الإسلام من جهة.