القصاص في غير محل الجناية، بل هو ليس قصاصا ولا إذن من الشارع للانسان في بدنه.
(و) من هنا (كان على القاطع ديتها) مع اشتباهه وإلا فعليه القصاص (وله القصاص في اليمين لأنها موجودة) وقد بطل الاتفاق المزبور فهو على استصحاب بقاء حقه.
(و) لكن (في هذا تردد) من ذلك ومن تضمنه العفو عما له من القصاص وإن يصح الاتفاق المزبور، ولعل من ذلك يحصل الاشكال أيضا في القصاص لليسار أو الدية، إذ احتمال ثبوت أحدهما على المقتص مع سقوط حقه أصلا في اليمين واضح الضعف، نعم قد يحتمل سقوط حقه من القصاص خاصة والانتقال إلى الدية فيتقاصان حينئذ مع التساوي وإلا كما لو كان أحدهما رجلا والآخر المرأة أعطي التفاوت من كان عليه.
وكيف كان فقد ظهر لك بالتأمل في ما ذكرناه حكم جميع الصور المذكورة في المقام، فإنه وإن جعلها في غاية المراد والمسالك بل وكشف اللثام ثمانية لكن جعلوا محل الكلام فيها مقامات ثلاث: التعزير وسقوط القصاص عن اليمين وضمان اليسرى، ومن المعلوم أن التعزير لا يكون إلا مع العلم الموجب للإثم دون الجهل، كمعلومية عدم سقوط القصاص عن اليمنى مع الانفاق عليه منهما فضلا عن غيره وإن ذكروا وجوها في خلافه إلا أنها واضحة الضعف، كما عرفت الكلام فيه وفي ضمان اليسرى في حال علم القاطع. ومنه يعلم أن المدار على علم القاطع وجهله، لا المقتص منه، كما هو المحكي عن الشيخ، وعلى الجهل بالموضوع دون الحكم الشرعي.
وبذلك كله يظهر لك حال ما أطنب به في غاية المراد وكشف اللثام وغيرهما من حكاية كلام الشيخ وغيره، فلاحظ وتأمل.