على القضاء بها في الجملة، فيمكن أن يكون بعد التنازع.
وأما ما دل على قبول شهادة العدلين، فلا يفيد أزيد من تصديقهما أو لزوم الحكم بهما فيما يثبت فيه لزوم الحكم.
ولا يتوهم: أن قوله عليه السلام في صحيحة سليمان بن خالد: (احكم بينهم بكتابي وأضفهم إلى اسمي يحلفون به) ثم قال: (هذا لمن لم تقم له بينة) 1 أنه يدل بالمفهوم على أن من قامت له بينة يحكم له مطلقا.
لأن المفهوم: أن من قامت له البينة لا حلف عليه، وأما أنه هل يحكم له مطلقا أو بعد وقوع النزاع، فلا دلالة له.
ويؤيد ذلك ما ذكروه: من عدم جواز القضاء على الحاضر الذي لم يسمع الدعوى - لصمم أو اختلاف لغة أو نحوهما - ما لم يسأل عنه 2.
وما ذكروه: من إلزام المدعى عليه الساكت على الجواب وعقوبته على ذلك من غير تعرض للحكم عليه بالبينة إذا كانت 3.
هذا مضافا إلى أن عدم النزاع: إما لعدم المنازع - أي عدم كون الواقعة بين اثنين - فلم يثبت فيه أصل جواز الحكم والقضاء، بل المتبادر من القضاء هو ما كان بين اثنين، مع أن أدلة القضاء متضمنة لقوله: (اقض بين الناس، أو بينهم) وهو إنما يكون بين شخصين، أو ظاهر فيه. وتصور المخاصمة والمنازعة وفرض المنازع لا يفيد.
أو لعدم وقوع النزاع وإن كان بين اثنين، وحينئذ لا يجوز القضاء للمدعي إلا مع السماع من الآخر، لرواية محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إذا تقاضى إليك رجلان، فلا تقض للأول حتى تسمع من الآخر،