وإن كان مرادهم جواز الحكم وعدمه، فلعل مراد من يقول بالسماع: جواز الحكم بهذه الشهادة بعد تحقق المخاصمة والجحود لا بالفعل، ومراد من يقول بالعدم: يريد العدم فعلا، فيعود النزاع لفظيا.
أو يكون نظر الثاني إلى عدم أصالة اعتبار قول العدلين، أو إلى خروج بينة الداخل أو غير الجاحد خصمه بالدليل، فلا يجوز الحكم بينهما مطلقا، فيكون النزاع معنويا.
ثم أقول: إذ قد أثبتنا أصالة قبول شهادة العدلين، بمعنى وجوب قبولها على المشهود عنده ولزوم تصديقه إياها، فيترتب عليه ذلك الأثر مطلقا ما لم يكن لها معارض.
وأما الأثر المتعلق بالغير - أي ترتب نفوذ الحكم على الغير وله عليها - فقد عرفت ثبوته في المتنازعين المترافعين إلى المشهود عنده مع كونه أهلا للحكم، ولكنه يختص بغير بينة الداخل عند الأكثر لاختصاص الإجماع بغير بينته وخصوص النص الدال على ذلك.
وكذا يختص بصورة كون الغير أحد المتنازعين، لعدم دليل على جواز الالتزام 1 والحكم بدون التنازع 2، بل هو المتبادر من القضاء على شخص وإلزامه والحكم عليه.
وكذا هو المتبادر من مثل قولهم: (اقض بينهم)، لأن الظاهر من القضاء بين الشخصين وقوع التنازع بينهم، سيما مع تعقيبه بمثل: (وأضفهم إلى اسمي يحلفون به).
وكذا هو المتبادر من قولهم: (البينة على المدعي واليمين على من أنكر، أو على المدعى عليه) 3 مع أن القضاء بالبينة أو كون البينة وظيفة المدعي لا يدل إلا