والحاصل: أن الثابت ليس أزيد من ترتب آثار اجتهاده أو تقليده فيما هو حق نفسه مما ليس له مزاحم من حقوق الغير، وإلا فلا دليل.
ثم المراد برأيه وفتواه ليس هو فتواه في جميع أجزاء الواقعة المتنازع فيها، فإنه قد تكون فتواه فيها وجوب البناء على فتوى غيره في جزء منها، فيجب اتباعها.
فإن فتوى كل مجتهد صحة عمل كل مجتهد آخر، أو مقلده إذا بناه على رأي ذلك المجتهد الآخر وعمل به فيه، فيجب الحكم بمقتضاه لو كان كذلك.
فقد تكون الواقعة بحيث لم يتحقق من أحد المتنازعين فيها بناء على أمر بتقليد مجتهد، فيجب فيها الحكم في أصل الواقعة بمقتضى فتوى الحاكم ورأيه فيها.
وقد يتحقق فيها بناء على أمر بتقليد غيره، فيجب الحكم بمقتضى ذلك البناء، لأن فتوى الحاكم أيضا على صحة ذلك الأمر حينئذ وترتب الأثر عليه.
فإذا تنازع شخصان في أخذ الحبوة مجانا أو بإزاء إرثه ابتداء قبل بنائهما فيها على تقليد مجتهد، يجب على الحاكم المفتي بالأخذ مجانا الحكم به.
ولو كان المتنازعان مقلدين لمجتهد يعطيها بإزاء الإرث، فعملا بها في الواقعة، وأخذ الكبير بإزاء إرثه بتقليد مجتهده، وأعطاه سائر الورثة بإزائه أيضا بتقليده، ثم تنازعا فيها بعد ذلك عند الحاكم المذكور، يجب عليه الحكم بكونها بإزاء الإرث، لا لأجل أنه فتواه مطلقا، بل لأجل أنهما قلد المجتهد الآخر وعملا به، وانتقل المحبو بإزاء الإرث إلى المحبو له، وما بإزائه إلى سائر الورثة، وفتوى الحاكم أيضا على الانتقال المذكور بالتقليد المذكور، وتوقف رفع الانتقال إلى ناقل آخر، فيحكم بمقتضى هذه الفتوى وبإزاء الإرث.
وكذا لو كان المتنازعان في الشفعة مقلدين لمن يرى الشفعة في الشركاء الثلاثة، فلو تنازعا قبل بنائهما على أخذ الشفيع المشفوع بتقليد مجتهده، وترافعا عند من لا يرى ثبوت الشفعة حينئذ، يحكم ذلك بسقوط الشفعة.
ولو بينا الأمر على تقليد الأول وأخذ الشفيع المشفوع بتقليده ورضي به