ظواهر السنة، وعلى كون الأمر في الشرع أو في اللغة أيضا حقيقة في الوجوب، وكون ألفاظ العموم حقيقة فيه كذلك، وكون الأصل في الاستعمال الحقيقة، أو غير ذلك من القواعد المقررة المتفق عليها أو المثبتة في نظر الفقيه على ما يكون كذلك ولو بوسائط غير بعيدة، ثم وجد في الكتاب أو السنة المجمع على حجيتها - على نحو ما ذكر - أمرا بشئ، أو لفظا عاما متعلقا بحكم مثلا، ولم يجد بعد الفحص ما يصرفها عن ظاهرها، ووقع كلام في وجوب ذلك الشئ، أو حكم بعض أفراد ذلك العام، فحينئذ يمكن في مقام الاستدلال - لا في مقام نقل الأقوال كما قالوا - أن يستند في ذلك إلى الإجماع ويثبته به، لأن الإجماع المنعقد على القاعدة التي هي الأصل إجماع في الحقيقة على أفرادها التي هي فروعها. وكما أنه يجوز للمجمعين عليها أن يستندوا إليها جاز لغيرهم أيضا، لإجماعهم عليها.
فيقول: هذا الحكم مما ثبتت دلالة ظاهر الكتاب أو السنة المعتبرة عليه بالإجماع، وكل ما كان كذلك فهو حق ثابت بالإجماع، فهذا حق ثابت بالإجماع. فإنه لما كان الإجماع الذي هو طريق إلى معرفة الحكم دليلا شرعيا، يجب العمل به على الكل، وكان الإجماع على الشئ مقتضيا للإجماع على كل ما يندرج تحته أو يلزم منه وينتهي إليه، أو للحكم بثبوته تبعا لثبوته، فلذلك ثبت الحكم المبتني عليه على سبيل الإطلاق بالإجماع، وصح الاستناد إليه باعتبار الانتهاء إليه وإن لم يتعلق بنفس الحكم.
وعلى هذه الطريقة يبنى قولهم: إن ظاهر الأصحاب، أو قضية المذهب، أو ظاهر المذهب، أو نحو ذلك. كذا قيل.
وقد شاع اعتبار هذا الوجه واستعماله في الفروع والأصول بين قدماء الأصحاب.