هناك لفظ، مع أن الحكم قد يثبت بالاجماع أو غيره من الأدلة الغير اللفظية، بل الألفاظ الدالة على سببية الأسباب غير محصورة.
ودعوى: تبادر ذلك من كل لفظ، فاسدة جدا، ضرورة اختلاف الألفاظ فيما يفهم منها ويتبادر، بل منها ما يمكن دعوى تبادر عدم التعدد منه، مثل ما إذا قال: إذا أمرك زيد بأمر فأت به، فقال زيد لك: صل غدا، ثم قال بعد ساعة:
صل غدا، لا يفهم منه إلا إرادة صلاة واحدة، فاثبات الأصل الكلي بذلك باطل قطعا.
الثالث: ما مرت الإشارة إليه من أن كل سبب يقتضي اختصاص مسببه به، بمعنى أن يؤتى بمسببه لأجل أنه مسبب من ذلك السبب، بل هو مقتضى وجوب الامتثال، فان صدق الامتثال عرفا بأن يقصد تعيين ما يأتي به، فإنه لا يحصل امتثال الامر بغسل الجنابة الا مع قصد أنه غسل الجنابة، أي مسبب من الجنابة، فلو لم يقصدها أو قصد غيرها لم يعد ممتثلا، وكذا غسل الجمعة، ومقتضى ذلك وجوب الاتيان بكل مسبب بقصد أنه مسبب من السبب الفلاني، فلازم ذلك أصالة عدم التداخل.
أقول: القدر المسلم الذي يتوقف عليه صدق الامتثال: أنه يجب الاتيان بكل مأمور به بقصد أنه امر به، وأما إنه لأجل أنه امر به لذلك السبب أو هذا فلا، وهذا بعينه معنى القربة اللازمة في امتثال كل أمر ولو تعدينا عن ذلك، نقول بلزوم قصد أنه مأمور به بذلك الامر وهذا إلى اخر جميع الأوامر، وكيفما كان لا يستلزم عدم التداخل لجواز قصد امتثال أوامر متعددة بفعل واحد إذا طابق جميعها.
وتوضيح ذلك: ان للتداخل صورا أربع: لأنه إما يكون بان يقصد بالامر الواحد امتثال الأوامر المتعددة، فيكون تداخلا اختياريا حاصلا بالقصد والنية.
أو يقصد به البعض ويدخل فيه الباقي تبعا، فيكون تداخلا قهريا حاصلا