في دليل السببية والاقتضاء، فالحكم بثبوت المسبب بأحدهما دون الاخر تحكم. و لأنه لو تقدم يثبت به المسبب قطعا، فكذا لو تأخر، لان ما دل على سببيته يتناول الصورتين من غير فرق، فتعين الأول، وهو ثبوته بالثاني.
وحينئذ، فاما أن يكون الثابت به عين ما يثبت بالأول أو غيره، والأول باطل، لان المسبب يترتب على السبب فلا يكون متقدما عليه، فوجب أن يكون الثابت به أمرا مغايرا للأول، فيتعدد المسبب بتعدد السبب، وهو المطلوب.
وبتقرير اخر: الثاني من السببين المتعاقبين يثبت به المسبب، لعموم ما دل على سببيته، والثابت به غير الأول، لان الظاهر من ترتب طلبه على حصول سببيته تأخره عنه، فيكون مغايرا للمطلوب بالأول، ويلزمه التعدد وبتقرير ثالث: يجري في غير المتعاقبين أيضا السببان إذا وجدا، فاما لا يثبت بهما مسبب، أو يثبت بهما مسبب واحد، أو مسببان.
الأول باطل، لأنه ترك للدليل المقتضي لسببيتهما بلا موجب، وهو فاسد.
وكذا الثاني، لان المسبب الواحد إما مسبب لواحد منهما معين، أو غير معين، أولهما معا، والأول تحكم بحت، وطرح دليل سببية الاخر بلا وجه، والثاني موجب لترك دليل سببية أحدهما لا على التعيين من غير جهة، والثالث لترك دليل سببية كل منهما والقول بسببية المركب، والكل مخالف للأصل، فبقي الثالث، وهو المطلوب أقول: يرد على هذا الدليل: أن إرادة المسبب المغاير للمسبب الأول عند تعدد الأسباب توجب استعمال ألفاظ المسببات في حقيقته ومجازه، أو في حقيقتيه في استعمال واحد، ضرورة إرادة الماهية أو مطلق الفرد - على اختلاف القولين - عند عدم تعددها، وذلك غير جائز، فإذا قال الشارع: البول موجب للوضوء، والنوم موجب للوضوء، فالمراد بالوضوء عند انفراد كل من السببين إما الماهية أو مطلق الفرد، فلو أريد منه عند اجتماعهما الفرد المغاير لما وجب بالأول، لكان لفظ الوضوء مستعملا في معنيين، وهو غير جائز، مع أنه على القول