المشهور من وضع الألفاظ المطلقة للماهية، يكون عند التعدد مستعملا في الفرد قطعا، ضرورة عدم التعدد في الماهية، وهو مجاز معارض لتخصيص عموم السبب، والتخصيص إما مقدم على المجاز كما هو المشهور أو مكافئ له، كما هو الحق، وعلى التقديرين لا يعلم عموم ما دل على السببية بحيث يشمل المورد أيضا، فلا رافع قطعيا لأصل التداخل الأولي.
هذا، مع أنه لو تم ذلك الدليل، لم يجر في مثل قوله: من بال فيتوضأ، و من نام فليتوضأ، لان ورود الأوامر المتعددة على شئ واحد جائز، كورود أزيد من ألف أمر بالصلاة والزكاة ونحوهما، بل يكون مختصا بما دل دليل السببية على تجدد المسبب وحدوثه بحدوث السبب، كقوله: البول يوجب الوضوء، والنوم يوجب الوضوء، وانتزاع هذا المعنى من الأول وكونه في قوته - لو سلم - لا يوجب الاتحاد في جميع الأحكام اللفظية أيضا، مع أنه لو سلمنا تعدد المسبب، فغايته تعدد الحكم الذي هو المسبب كالايجاب، وقد عرف أن بتعدده لا يلزم لزوم تعدد الفعل، فغايته وجوب وضوء واحد لكل من البول والنوم - مثلا - - وأين هو من التعدد المطلوب؟
الثاني: أن المتبادر اختصاص كل سبب بالمسبب، وهو مقتض للمتعدد، فان المفهوم من قوله: (إذا تكلمت في الصلاة ناسيا فاسجد سجدتي السهو) وجوب السجود لخصوص التكلم، ومن قوله: (إذا شككت بين الأربع والخمس فاسجد) وجوب سجود اخر للشك غير الأول، وكذا نحو: (من تعمد الاكل في نهار رمضان فليكفر، ومن تعمد الجماع فليكفر) فان المتبادر منه وجوب كفارتين: كفارة للاكل، وكفارة أخرى للوطء، من غير تفاوت في الأول بين وقوع السهو والشك في صلاة واحدة أو متعددة، ولا في الثاني بين وقوع الاكل والوطء في اليوم والأيام، مع تخلل الكفارة وبدونه، ولا بين هذه الأمثلة و نحوها من مواضع الخلاف وغيرها مما أجمعوا فيه على التعدد، أو الاتحاد، فان المتبادر في جميع ذلك اختصاص كل سبب بمسببه بلا اختلاف يعود إلى دلالة