ثم اعلم أن الأسباب الشرعية بكثرتها على قسمين، لأنها إما نفس قول الشارع، من دون توقفه على حصول أمر اخر أصلا، أو السبب أمر اخر رتب الشارع المسبب عليه.
والقسم الأول على نوعين، لان أقوال الشارع المتعددة التي هي أسباب، إما لا اختلاف فيها أصلا، أو فيها اختلاف بحسب انضمام الأوصاف.
فالأول: نحو قوله لزيد: صم يوما، ثم يقول أيضا: صم يوما.
الثاني: على صنفين، لان الأوصاف المنضمة إما أوصاف متناقضة يمتنع اجتماعها في شئ واحد شخصي، أو ليس كذلك فالأول: نحو: يجب صوم يوم، ثم قال: يستحب صوم يوم، أو: صم يوما وجوبا، وصم يوما ندبا، بأن يكون الوصفان قيدين للفعل دون الامر. ونحوه:
صل ركعتين أداءا، وصل ركعتين قضاءا، بأن يكون الوصفان قيدين للركعتين.
والثاني: نحو قوله: صل ركعتين تحية للمسجد، وصل ركعتين للزيارة، أو اغتسل للتوبة أو اغتسل للزيارة واغتسل للجنابة، سواء كان الأمران متفقين في الوجوب والاستحباب، أو مختلفين.
والقسم الثاني أيضا على نوعين: لان الشارع إما رتب المسبب على أمر واحد، ولكن حصل التعدد بفعل المكلف، نحو قوله: من وطأ حائضا فليتصدق بدينار، فوطأ المكلف مرتين، ونحو: من بال فليتوضأ، فبال مرتين أو رتبه على أمرين متغايرين نحو: من وطأ حائضا فليتصدق بدينار، ومن نظر إلى أجنبية فليتصدق بدينار، أو: من بال فليتوضأ، ومن نام فليتوضأ، أو:
من أجتنب فليغتسل، ومن مس ميتا فليغتسل.
والظاهر: أنه لا خلاف في عدم تعدد المسببات فيما كان من النوع الأول من القسم الأول، والعرف أيضا لا يفهم منه الا التأكيد.
وكذا لا ينبغي الريب في التعدد فيما كان من الصنف الأول من النوع الثاني، سواء كان الوصفان المتناقضان وصفين للامر، أو قيدين للفعل، الواجب