طلب أن يكون فعل المتأخر بعد المتقدم، وهذا الطلب تحقق قبل تحقق المتقدم، لا أنه يطلبه بعد فعل المتقدم، وأن الطلب سيتحقق بعده فمعنى الأحاديث: أن الله لم يطلب معرفة الامام وهو لم يعرف الله، أي حال عدم معرفته، أو الزكاة حال الشرك، بل طلبه بالترتيب، أي طلب الترتيب، الا ترى أن الله سبحانه طلب الصلاة من المؤمنين مطلقا، ومع ذلك يصح أن يقال: إن الله سبحانه أمر العباد بعد دخول الوقت بالطهارة، ثم الصلاة، ثم ندبهم إلى التعقيب.
وأن يقال: ومن لم يتطهر من الحدث، فكيف تجب عليه الصلاة وهو محدث؟! نظير قوله 1: فكيف يجب عليه معرفة الامام وهو لا يؤمن بالله؟
وأن يقال: أترى أن الله عز وجل طلب من المحدثين الصلاة وهم محدثون؟!
نظير قوله 2: أترى أنه طلب من المشركين زكاة أموالهم، وهم يشركون به؟!
وأن يقال: أول ما كلفهم به بعد دخول الوقت الطهارة، فلما تطهروا تلاه بالصلاة، فما صلوا تلاه بالتعقيب، نظير ما ذكر في الحديث الزنديق.
والحاصل: أنه حمل تلك الأخبار على الترتيب في تحقق الطلب، وليس كذلك، بل المراد بيان ترتيب الاتيان بالمطلوب، ولذا قيد في الحديث الأول والثاني بقوله: (وهو لا يؤمن بالله) وقوله: (وهم يشركون) الصريحين في الحالية، أي: لم يطلب منهم معرفة الامام والزكاة في هاتين الحالتين، وهو كذلك، كما لم يطلب الصلاة والمرء محدث، أي: مع هذا القيد، فإنه لو كان مطلوبا والحال هذه لصح 3، إذ ليست الصحة إلا موافقته المطلوب، وهذا ظاهر غاية الظهور.