أما الثاني فلأن معنى كون القضاء تابعا للأداء أنه لا يثبت القضاء إلا لما ثبت له الأداء، وكلما ثبت وجوب أدائه وفات يجب له القضاء، ولا ريب أن وجوب أداء الصلاة فيما نحن فيه ثابت، فلا بد من حصول العلم بإتيان الصلوات مؤداة لتبرأ الذمة، وإلا وجب القضاء، والعلم بذلك إنما يحصل إذا علم قدر ما فات كما لا يخفى.
فإن قلت: الأصل عدم الفوات.
قلت: الأصل عدم الأداء، فإذا لم يتحقق وجب القضاء، فاستصحاب شغل الذمة بالصلاة أولا هو المثبت للتكليف هاهنا مع العلم بفوات الصلاة في الجملة، فالتمسك بأصالة البراءة مع يقين اشتغال الذمة السابق غريب.
وعدم التيقن بسبب الفوات لا يهدم أساس اليقين السابق، وإلا لم يبق للاستصحاب معنى ولا محلا، مع ما سيأتي في الشق الثاني.
وأما الأول فهو وإن كان لا يثبت ذلك الحكم فيه بالاستصحاب، لأن خروج الوقت قاطع للاستصحاب السابق كما هو لازم هذا المذهب، ولكن نقول: إن الشارع أمرنا بقضاء ما فات، والمراد ظاهرا ما فات في نفس الأمر لا ما علم فوته، فإذن يكون المكلف به مجملا، ولا مانع من التكليف به لو تمكن المكلف من الإتيان به كما حقق في محله، والإتيان به إنما هو بإحاطة الاحتمالات من باب المقدمة، كما في المسألة المتقدمة بعينها، فكيف يتشبث بنفي الزائد بأصل البراءة مع بقاء حكم اليقين بشغل الذمة بسبب ذلك الأمر.
وأما الدليل الثاني فضعيف، إذ بعد علمه بأنه ترك الصلوات الكثيرة فلم يبق لمثل هذا الظهور قوام ليعتد به.
وأما الحسنة وهي أنه (عليه السلام) قال: ومتى ما استيقنت أو شككت في وقتها أنك لم تصلها، أو في وقت فوتها أنك لم تصلها صليتها، فإن شككت بعد ما خرج وقت الفوت فقد دخل حائل فلا إعادة عليك من شك حتى تستيقن، فإن استيقنت فعليك أن تصليها في أي حال كنت (1).