فلا يخفى عدم ظهوره فيما نحن فيه، بل هو ظاهر في الصلاة المخصوصة، أو الصلوات المخصوصات المشخصات بملاحظة الأوقات بالنسبة إليها، ولذلك تداوله جماعة من المتأخرين ولم يجعلوها دليلا، وفي التأييد أيضا تأمل، فتدبر جدا.
وربما يستدل على المشهور بما دل على هذا الحكم في النوافل كحسنة مرازم قال: سأل إسماعيل بن جابر أبا عبد الله (عليه السلام) فقال: أصلحك الله إن علي نوافل كثيرة فكيف أصنع؟ فقال: اقضها، فقال له: إنها أكثر من ذلك، قال: اقضها، قلت: لا أحصيها، قال: توخ (1) والتوخي الاجتهاد في تحصيل الظن.
والملازمة ممنوعة، والقطع بالعلية غير موجود، والقياس غير جائز بلا نص على العلة. وأما ادعاء الأولوية كما ذكره بعضهم فهو عجيب. وربما يوجه بأن الأمر في المستحبات أهون، فالتكليف بها لا يوجب عسرا لجواز الترك بخلاف الواجب. وأنت خبير بأن الاعتماد بأمثال هذا الظن لو ثبت في الأحكام الشرعية محل تأمل، إذ حجية القياس الجلي عندنا دائر مدار فهم العرف، ولم يتحقق لي بعد فيما نحن فيه، ولم أقف في كلماتهم على هذا المذهب من دليل يعتمد عليه، مع أنه قول جماهيرهم، بل لعله اتفاقي، ويؤيده أن العلامة لم يذكرها في المختلف، ولعل المستند فيه هو الاجماع لو ثبت.
وأقول: يمكن أن يستدل على ذلك بموثقة إسماعيل بن جابر - لمعاوية بن حكيم - عن الصادق (عليه السلام) " قال: سألته عن الصلاة تجتمع علي، قال: تحر واقضها " (2). فإن ترك الاستفصال في مقام الاحتمال يفيد العموم، ولعل عدم تعرضهم لذلك لحملهم على النافلة، ولا وجه له، ولعل ذلك هو مستند الفقهاء، إلا أن اتحاد راوي الروايتين مع كونه من الأجلاء يضعف ذلك العموم، والاحتياط سبيل النجاة.