وأما ما ذكرته من حكاية خصال الكفارة فلا يخفى الفرق بينه وبين ما نحن فيه، لأن بين الذم على ترك الواجب المخير والإتيان بفائتة فرقا، سلمنا لكن ما ذكرت إنما هو لأجل تقصير المكلف، لقدرته على الجميع، فالمذمة على القدر المشترك مما لا يأبى عنه العقلاء، بل يحسنونه، وأين هو مما رخصه الشارع وحدده وعينه، وحكم بأن الواجب في ذلك الوقت هذا بعينه.
فنقول: الذم على ترك مطلق الصلاة هاهنا أيضا ممنوع، بل المسلم هو الذي تعين عليه.
ألا ترى أنه لو فعل من لم يقدر إلا على الصيام ما يوجب الكفارة وترك الصيام أيضا لا يذم إلا على ترك الصيام، فإن عدم القدرة وثبوت استحالة التكليف بالمحال عندنا في قوة قول الشارع وحكمه بأن الواجب على هذا المكلف هو الصيام فقط.
فلا تقول: إنه مذموم على ترك مطلق الكفارة التي تتحقق في ضمن الصيام، والخصلتين الأخيرتين التي لو كان قادرا عليهما لوجبا عليه.
فإنه كلام بارد مضحك، فهكذا في ما نحن فيه.
لا تقول: إنه مذموم على مطلق صلاة الظهر التي تتحقق في ضمن الأربع ركعات، والاثنين التي لو كان في السفر لوجب عليه، والفرق بين ما رخصه الشارع ودل عليه الشرع مطابقة وصريحا وما دل عليه ضمنا والتزاما تحكم، فالمتجه إذن اعتبار ما تعين عليه. وعلى ذلك يجري حسنة زرارة المتقدمة ونحوها، وروايته المتقدمة كالصريح في ذلك فإن قوله (عليه السلام): " فليقض الذي وجب عليه " (1)... إلى آخره ظاهر في الواجب المعين، بل نص فيه، لأن الواجب ظاهر في المعين وحقيقة فيه، سلمنا لكن الكلي لا يعتبر فيه عدد ولا كم، والمعنى الحقيقي المعين أو ما في معناه هاهنا موجود، إذ الأربع ركعات قد تعين عليه