إلا، وهو في جنب المخرج ليس إلا كالقطرة من البحر.
هذا مع أن كل ذلك خلاف ظاهر المستدلين، فحينئذ يقع التعارض بين تلك المطلقات وبين ما استدل به الخصم، ولا ريب في أنه أوضح دلالة، وأصح سندا من تلك المطلقات ولا يقاومها، سيما مع ظهور الحمل الذي ذكرنا، فالأقوى حينئذ أفضلية الموافقة.
وبالجملة: فالذي أداه إليه نظري القاصر هو التفصيل: بأن المخالفة أفضل في اليوم الأول والليلة الأولة، وإذا انقضيا فالموافقة، اللهم إلا أن يمنع ذلك بعدم القول بالفصل، وهو مشكل لما سيظهر لك.
ولعل الأكثر أيضا مرادهم ذلك، وخلافهم في خصوص الأفضلية في ما اقتضاه ظاهر آية الخلفة، فيتجه التخصيص، فأدلة الأكثر للموضوع المخصوص، ودليل الخصم للمطلق، فنزاع في الجزئية لا في الكلية، فتأمل.
ويمكن اختيار ما اقتضاه ظاهر آية الخلفة في موضعه وما اقتضاه آية المسارعة في الباقي، ولازم ذلك طرح أدلة الخصم. ويشعر بذلك كلام المحقق في الشرائع حيث قال: ما يفوت من النوافل ليلا يستحب تعجيله ولو في النهار، وما يفوته نهارا يستحب تعجيله ولو ليلا ولا ينتظر بها النهار (1).
ويمكن أن يقال في الجمع - بعد ملاحظة أن مراد المشهور هو الإطلاق -: إن الأفضل هو الموافقة إلا أن يكون السرعة والاستباق في المخالفة، ومفاده بحكم الاستثناء المتصل كما هو الأصل أن الأفضلية للمسارعة مطلقا إن وجد في ضمن الموافق فالموافق، وإن وجد في ضمن المخالف فالمخالف، وهو ينفي الفائدة في أخبار الخصم رأسا، فتأمل جدا. وإن أريد من ذلك أن الموافقة أفضل من المخالفة التي كان فيه المسارعة، فهو يرجع إلى ما ذكرنا سابقا، فتدبر جدا.