إذ من البعيد اتفاق الكل مع عدم اليقين من الجميع أو من البعض.
ونظر المجوز لعله إلى مساواة حكم الظن لليقين في أحكام الشك، وادعاء ظهور أن المراد من هذه الأخبار أنه يبني أحدهما على صلاة الآخر الصحيحة عنده، الغير المحتاجة إلى تغيير وتبديل وزيادة ونقصان، وليس بذلك البعيد.
ومما يؤيد ذلك أن لا يكاد ينفك شك أحدهما مع ظن الآخر عن تبدله بالظن، فالاعتماد على الظن، ومما يؤيد تساوي الظن لليقين هو كمال العسر والحرج في التنبه على ما يفرق بين اليقين والظن في حال الصلاة، بل الظاهر التنبه على ما هو عنده.
ثم إنه قد يقال: إن هذا الحكم هو إذا ارتفع الشك كما هو الغالب، إذ حفظ أحدهما يوجب ترجيح ذلك الطرف غالبا، وأما بدونه فلا.
وهو تقييد للأخبار من دون دليل، والحق أن الفرض نادر، ومما يؤيد ذلك أنهم قالوا: إن هذا الحكم مختص بالإمام والمأموم، فلا يجوز التعويل على الغير إلا إذا أفاد الظن، فيعتمد عليه من حيث إفادة الظن، وهو ينادي بأن حكم الرجوع فيما نحن فيه أعم من حصول الظن، فتدبر.
ويشكل الأمر في رجوع الظان إلى المتيقن أيضا، وقد أجازه جماعة من الأصحاب (1) لعدم ظهور دليل عليه هاهنا. ويمكن أن يقال: إن غرضهم أيضا تحديد مواضع الرجوع، فإنه لا يكاد يبقى الرجحان الذي في أحد الطرفين مع يقين الآخر بخلافه، فيرجع ماله إلى إرجاع الشك أو الوهم إلى اليقين، فتدبر.
هذا إذا حصل لأحدهما يقين أو ظن، وأما إذا كانا شاكين: فإن اتحد شكهما فيلزمهما حكمه، وإن اختلفا: فإن كان بينهما رابطة فيرجعان إليه، كما لو شك أحدهما بين الاثنين والثلاث والآخر بين الثلاث والأربع، فيرجعان إلى البناء على الثلاث، إذ أحدهما متيقن بانتفاء الرابعة، والآخر متيقن بوجود الثالثة،