بل نقول بالبطلان في كل ما استلزم الانحراف بجميع البدن لمنطوق صحيحة زرارة، وعدم ظهور منافاة مفهوم الحسنة له أيضا، ويشمله باقي الإطلاقات أيضا، ويحمل ما دل على الجواز على ما لم يكن بجميع البدن.
وربما ألحق بالخلف الحقيقي ما يقرب منه.
وليس بذلك البعيد، ويظهر وجهه بالتدبر فيما ذكر.
وأما الالتفات إلى غير الخلف وما في معناه - ولو كان بمحض اليمين واليسار - فلعله لم يبطل لعدم ظهور الفحش، ولمفهوم الصحيحة، وظاهر الإطلاقات، وخصوص صحيحة علي بن جعفر. ويخصص باقي الإطلاقات بذلك.
وفي محضهما إشكال.
وأما ما بينهما فلعله لا إشكال في عدم الإبطال، سيما مع ملاحظة قولهم (عليهم السلام) " ما بين المشرق والمغرب قبلة " (1).
ويظهر للمتدبر العارف بأحكام التراجيح وجه ما ذكرنا من الجمع في هذه الأخبار فلا حاجة إلى التطويل.
والأظهر أن كل ما حكمنا فيه بعدم الإبطال لا حرمة فيه أيضا، للأصل ولظاهر الأخبار المتقدمة.
والأظهر أنه مع ذلك لا يعتبر بما أتى به من الأفعال في هذه الحالة، لأن غاية ما يستفاد من الأخبار عدم البطلان به أو جوازه، وأين هذا من جواز فعل ما يشترط بالقبلة إلى غيرها متعمدا، وإطلاق الأخبار المجوزة لا يقاوم ما دل على اعتبار القبلة، سيما مع موافقتها للأصول والقواعد.
ثم إن الظاهر أنه لا فرق في ذلك الأحكام بين الناسي والعامد، لأن ذلك حكم وضعي ورفع المؤاخذة والنسيان عن تلك الأمة غاية ما يستفاد منه عدم العقاب، وأين هذا من عدم البطلان.
وربما يلحق بالمذكورين ظان الخروج من الصلاة. وفي المكره وجهان. ولعل الأقرب فيهما أيضا اتحاد الحكم مع العمد. والله أعلم بحقائق أحكامه.