الثاني عن الكاظم (عليه السلام) والأولة عن الباقر (عليه السلام)، وهو أبعد من التقية، كما هو معلوم من حالهما.
وأما الآية فغاية الأمر أنه تثبت وجوب ابتغاء الأواسط، فيكون اختيار أفراد الأواسط وجوبا تخييريا، ودلالتها على ذلك بالنسبة إلى الصلوات كلها متساوية، فحاصلها أنه يعمل بالأواسط في كل الصلوات وجوبا، بعنوان التخيير، وذلك ينفي القول باستحباب الجهر فيما يجهر فيه، والإخفات فيما يخافت فيه، بل الكل في ذلك سواء، وإنما المدار في التفرقة حينئذ على الخارج، والذي وجد في الخارج هو اتفاق الأصحاب على التفصيل المذكور في مطلق الرجحان، فيؤول الكلام إلى دعوى أن الرجحان هل هو بعنوان الوجوب أو الاستحباب؟
فالخصم ينفي الزيادة بالأصل، لإنكار الاجماع على أزيد من مطلق الرجحان.
ونحن نثبته بالأدلة التي ذكرناها، والمعارض لا يقاومها لأكثريتها، وأشهريتها، واعتضادها بالعمل والإجماع، ومخالفة العامة، إلى غير ذلك من المرجحات.
وحاصل التحقيق: أن مبنى الخصم إما على أن الآية مسبوقة بتعين الجهر والإخفات في مواضعهما ورجحانهما بالأدلة الخارجية أو لا.
أما على الأول فلا يخفى أنه لا يصح حينئذ بناء الآية على التحديد الجديد، بل يكون معاضدا للبناء السابق، وحينئذ فيجب حملها على ما يناسب المقامين، فالمراد حينئذ - والله أعلم - لا بد أن يكون: لا تجهر غاية الجهر، أي: فيما يجهر به فإنه لا مجال للإخفات فيه لكونه خلاف المبني عليه، ولا تخافت غاية الإخفات بحيث لا تسمع نفسك في ما يخافت فيه لأنه لا مجال للجهر فيما يخافت به لما ذكرنا، فحينئذ يكون الآية لتحديد حال كل من المقامين لا لتحديد أصل الحكم، فافهم.
وكان ما ذكرنا هو الظاهر، وقد ذكروا في تفسير الآية وجوها اخر.
منها: أن معناها لا تجهر بإشاعة صلاتك عند من يؤذيك، ولا تخافت بها عند من يلتمسها منك، فروى العياشي عن الصادقين (عليهما السلام) في تفسير الآية قال: كان