وفيه ما لا يخفى، إذ عدم قصد التقرب بالسورة في الآن السابق لا ينافي التقرب بها في الآن اللاحق، فإن الداعي على فعلها حينئذ هو التقرب إلى الله، فليس السورة حينئذ خالية عن قصد التقرب، وإطلاق الصحيحة المتقدمة أيضا يحقق الصحة.
واعلم أن الاعتياد على السورة بحيث يجري على لسانه بلا قصد أو تعينها عليه بنذر وشبهه أو كونها معينا في موضع كالحمد يقوم مقام القصد إليه، فيكون الأمر فيها على ما اخترناه أظهر.
وهل يشترط القصد في تعيين البسملة في أول السور أم لا؟ وحينئذ إذا عدل عن السورة إلى الأخرى فهل يجب إعادة البسملة أم لا؟
ذهب جماعة (1) من الأصحاب إلى وجوب الإعادة، لصيرورته بقصد تلك السورة جزءها، فحينئذ لا يصير جزء السورة الأخرى، فبدون الإعادة لا يتم السورة.
ومنعه بعض المحققين (2) حيث قال: إنا لا نسلم أن للنية مدخلا في صيرورة البسملة جزءا.
ولو قرأ البسملة بعد الحمد غير قاصد لسورة، أو قصد سورة ولم يشرع فيها، فهل يصح الاكتفاء به بعد قصد سورة معينة أم لا؟
ظاهر بعض الأصحاب أنه يكتفى.
والحق عدم الاكتفاء في المقامين، وأنه وجب القصد إلى تعيين البسملة، سواء قلنا بأنها جزء من السورة - كما هو المختار - أو واجب على حدة.
أما الأول فلأن الامتثال لا يتم إلا بالنية والقصد، وحيث كان القصد مميزا للفعل فيجب لحصول الامتثال، فإذا اشترك جزء السورة بين سور مختلفة فلا يتم الامتثال إلا بقصد التعيين.