فإن قلت: الظاهر من الصحيح السابق الإطلاق، لعدم ظهور كونه ليس عليه ثوب آخر، وكونه مكشوف المنكبين أو كون ثوبه سخيفا، وقوله (عليه السلام): " أدنى ما يجزئ " يشعر بأن هذا هو الرداء الاضطراري.
قلت: هذا الإشعار لو سلم لا ينهض دليلا، مع أنه يظهر من بعض الأخبار - كرواية أبي بصير في صلاة الحسين بن علي (عليهما السلام) (1) - أن المراد أدنى ما يجزئ في ساتر البدن بعد ستر العورة، فيكون مطابقا لتلك الأخبار.
بل ويظهر من قول أبي جعفر (عليه السلام): إن قميصي كثيف (2) فهو يجزئ أن لا يكون علي إزار ولا رداء، أن استحباب الرداء هو لكونه مؤيدا للستر، فتدبر.
لكن السنن مما يتسامح في أدلتها، والأصحاب أطلقوا الاستحباب، فلا مانع من القول به.
مع أنه يمكن ادعاء الظهور في الإمام مطلقا من بعض الأخبار، كصحيحة علي ابن جعفر قال: سألته عن الرجل هل يصلح له أن يجمع طرفي ردائه على يساره؟
قال: لا يصلح جمعهما على اليسار، ولكن أجمعهما على يمينك أو دعهما (3).
وسألته عن السيف هل يجري مجرى الرداء يؤم القوم في السيف؟ قال:
لا يصلح أن يؤم في السيف إلا في حرب (4).
وفي رواية أخرى: إن عليا (عليه السلام) قال: السيف بمنزلة الرداء تصلي فيه ما لم تر فيه دما، والقوس بمنزلة الرداء (5).
بل ويمكن ادعاء أن كون هذا شعارا لهم مطلقا يظهر من الأخبار أيضا، وأن هذا كان من جهة الحسن الشرعي، فتأمل.