لأنا نقول: هذا يستلزم منع دخول الرؤية بعد الزوال في مصداق الأخبار أيضا، سيما ما قرب من الغروب، وهو بعيد.
سلمنا عدم الدخول، لكنا نقول: ظاهر تلك الأخبار تعيين العلامة، يعني أن الرؤية في الليل علامة لوجوب الفطر والصوم غدا، وعدمها فيها علامة لعدمه، فدلت تلك الأخبار على عدم الوجوب وإن رؤي قبل الزوال.
وذلك أيضا يكفي في الاستدلال; لصدق عدم الرؤية في الليلة الماضية.
ورؤيته قبل الزوال لا تصير موجبا لصيرورته هلالا في الليلة الماضية، إذ اتصاف القمر بكونه هلالا إنما هو بإمكان الرؤية، بل فعليتها، لا مجرد الخروج من تحت الشعاع، وقد يخرج ولا تمكن رؤيته في تلك الليلة، بل وما بعدها أيضا.
وصحيحة محمد بن قيس المتقدمة في دليل مذهب سور (1).
وجه الدلالة: مفهوم قوله عليه السلام: " وإن لم تروا الهلال إلا من وسط النهار أو آخره فأتموا الصيام " فإن وسط النهار شامل لما قبل الزوال; إذ ليس المراد هو ركود الشمس في دائرة نصف النهار; لاستحالته، وعدم انصراف فهم العوام إليه الذي هو المعيار في فهم الأخبار، سيما والأظهر الأشهر أن النهار اسم لما بين طلوع الفجر إلى الغروب، لا ما بين طلوع الشمس إلى غروبها.
وعلى هذا فالمنتصف إنما هو قبل الزوال، مع أنه هو المحتاج إليه في سؤال الرواة وجوابهم عليهم السلام، فكيف يطوي عن الاعتناء بحاله بالمرة، وعدم التعرض لذكر أول النهار لندرته جدا.
وما رواه الشيخ في التهذيب، عن علي بن حاتم، عن محمد بن جعفر، عن محمد ابن أحمد بن يحيى، عن محمد بن عيسى، قال: كتبت إليه عليه السلام: جعلت فداك ربما غم علينا هلال شهر رمضان فنرى من الغد الهلال قبل الزوال، وربما رأيناه بعد الزوال،