تنبيه:
قد يتوهم مما نقلنا عن ابن إدريس والمسالك أن المكلف بالصوم في الكفارة المخيرة إنما هو الولي، لكن على سبيل الواجب التخييري، فلو اختار الصوم فيأتي بالشهرين معا على قول ابن إدريس، ويصوم أحدهما ويتصدق عن الآخر على المشهور، ولا دليل على ذلك; إذ ما ثبت من الأدلة تعلقه بالولي هو الصوم والصلاة الواجبان عينا، وأما أداء سائر ما عليه فالكل فيه سواء كالدين.
ولا دلالة في الأدلة على حكم الصيام المخير بينه وبين غيره، فينبغي أن يكون المراد من تخيير الولي هنا أن له أن يأبى عن الصيام لأجل قيام غيره مقامه، وحينئذ فكل الورثة سواء في ذلك، ومقتضاه: إما العتق من ماله، أو الإطعام من ماله، أو الاستئجار.
ومراد ابن إدريس: أنه لو بنى على الصوم فليس لهم أن يبدلوا أحد الشهرين بالصدقة، لا أنه لو بنى على الصيام يجب ذلك على الولي، أعني الذكر الأكبر.
وقال في السرائر: إن هذين الشهرين إن كانا نذرا وقدر على الإتيان بهما فلم يفعل فالواجب على وليه - وهو أكبر أولاده الذكور - الصيام للشهرين، ويكون تكليفه ذلك لا يجزيه غيره، وإن كان عليه كفارة مخير فيها، فإنه مخير في أن يصوم شهرين أو يكفر من ماله قبل قسمة تركته - أعني الولي - ولا يتعين عليه الصيام، ولا يجزيه إلا أن يفعل من الكفارة جنسا واحدا أو صياما أو إطعاما، هذا إذا كانت الكفارة مخيرا فيها، فليتأمل ما قلنا في فقه المسألة (1)، انتهى.
وليس مراده من فقه المسألة هنا إلا الرد على الشيخ وأتباعه حيث جوزوا الصدقة عن شهر.