أكثر من كونه ثلاثين، وتكذيب الراوي من العامة لذلك، وأن منها ما يدل على الإخبار عما اتفق في زمان الرسول من عدم النقص، وهو لا يستلزم تمامه أبدا، وأن كلمة " أبدا " في كثير منها يرجع إلى المنفي لا إلى النفي، يعني نقصه ليس دائما، لا أنه دائما لا ينقص.
وقد توجه أيضا بأن المراد أن ثوابه ثواب ثلاثين يوما، ولا ينقص بنقص يوم منه، وبأنه لا يجوز أن يقال ناقص; لأنه صفة ذم.
ومنها: أن المراد الحث على صوم آخر شعبان.
أقول: وقد يختلج بالبال أن يقال: لما كان من المسلمات أن الشهور قد تكمل وقد تنقص، وأن الكمال بتمام الثلاثين والنقص بتسعة وعشرين فلا يوجد شهر يتم بثمانية وعشرين حتى يكون كماله بتسعة وعشرين، وكثيرا ما يعيد العامة بعد ثمانية وعشرين كما رأيناه مكررا في زماننا وإن كان بسبب وضع الشاهدين على الرؤية في أول الشهر، فيكون هذا ردا عليهم، يعني أصل رمضان ليس تسعة وعشرين حتى يكون الناقص منه ثمانية وعشرين، بل لا ينقص الأصل من ثلاثين أبدا، فيكون الناقص تسعة وعشرين.
وتؤيده بعض الأخبار، مثل صحيحة عبد الله بن سنان - وفي طريقه حماد بن عيسى - عن رجل نسي حماد بن عيسى اسمه، قال: " صام علي عليه السلام بالكوفة ثمانية وعشرين يوما شهر رمضان، فرأوا الهلال، فأمر مناديا ينادي: اقضوا يوما، فإن الشهر تسعة وعشرون يوما " (1).
وكيف كان فهذه الأخبار مما لا يمكن التعويل عليها من وجوه شتى، وتلوح منها رائحة الوضع; لاشتمالها على الأيمان المغلظة التي هي شأن من يريد ترويج كلامه.
ومنها: مخالفتها للحس والاعتبار.
ومنها: اشتمالها على مضامين لا ترجع بظاهرها إلى محصل، وتعليلات غير