العدد المعتنى في التواتر، فدعوى معلومية عدم استناد الطبقة الأولى إلى مشاهدة العقد وسماعه ظاهرة المنع، وإنما الظاهر كون ذلك معلوما بالتواتر لاجتماع شرائطه، فلا يتم الاستدلال به على المطلوب (1)، انتهى.
أقول: ولا ينبغي الاستدلال بذلك على مطلق الاستفاضة الظنية، بل هو إنما يثبت الثبوت في النكاح، ولا ينافي عدم الثبوت في غيره، فإن القائلين باشتراط القطع فيها اكتفوا في النكاح ونظائره بالظن.
والأولى الاستدلال بالعلة المنصوصة في قوله تعالى: * (إن جاءكم فاسق بنبأ) * (2) الآية، فإنها تقتضي الاكتفاء بالظن الحاصل بمقدار الظن الحاصل من خبر العدل، وأنه خبر مما يؤمن معه إصابة قوم بجهالة وحصول الندامة، فالعمل بقول الفاسق مع التثبت المانع عن حصول الندامة جائز.
وبملاحظة تجويز العمل بخبر العدل معللا بأنه ليس فيه ندامة بحسب المفهوم ولا يفيد إلا الظن تظهر كفاية حصول الظن، ولا ريب أن الاستفاضة نوع من التثبت للخبر، فإذا بلغ حد الأمن الحاصل من خبر العدل فيكتفى به.
وإن أبيت عن إطلاق التثبت عليه فيكفي حصول العلة الحاصلة من التثبت في هذا الخبر أيضا.
وأما القدح بأنه يلزم منه جواز العمل بخبر عدل واحد ولم يقل به الأكثر، وبخبر فاسق أو فاسقين أو نحوهما إذا حصل منه الظن الموجب للأمن المعهود، وهو باطل اتفاقا، فهو مدفوع بأنها مخرجة بالدليل، فكما أن القائل باشتراط القطع يخصص دليله بالمواضع المستثنيات من جهة دليل خارجي كالعسر والضرر وغير ذلك، فيخصص القائل بكفاية الظن دليله بما لا يثبت به جزما كالزنا والقتل وغيرهما.
وأما الدليل على اعتبار الظن المتاخم للعلم، فهو ما أشعرت به عبارة المسالك