ثم وفور الأخبار وعمل المشهور على تقديم القضاء عليه يجعل هذا المجمل في معرض المبين، وطريق الجمع إنما هو بجعل التصدق عقيب القضاء.
ومن ذلك يظهر وجه آخر للجمع، وهو التخيير بين التقديم والتأخير، ولكن لم نقف على مصرح به; إذ التخيير الذي نقلناه سابقا عن الشيخ إنما هو ما بين أصل الصوم والصدقة، لا التقديم والتأخير.
وعلى كل حال فالأقوى قول المشهور من وجوب تقديم القضاء على الصدقة.
بقي هنا إشكال آخر: وهو أنه هل يجب تقديم الاستئجار من ماله مع الإمكان ويتصدق مع عدمه، أو يجب التصدق أولا؟ فعن المشهور عدم الوجوب، وعن أبي الصلاح الوجوب (1)، وقد مر الكلام، وأن الأقوى العدم.
وقياسه بالحج باطل، سيما مع وجود الفارق; لوجوب الصوم على الولي دون الحج.
وأما كون الصدقة من أصل المال فالظاهر عدم الإشكال فيه كما هو ظاهر رواية أبي مريم.
وأما مقدار التصدق، فهو " مد " على المشهور، كما يظهر من الروضة (2)، وهو أقوى; لرواية أبي مريم، وما رواه ابن أبي عقيل، وكلام السيد في الانتصار.
ونقل في المختلف عن الشيخ القول بمدين عن كل يوم، فإن عجز فمد (3)، وهو المنقول عن ابن حمزة (4)، ودليله غير واضح.
ثم إن هذا الكلام إذا لم يوص بالقضاء من ماله وصية نافذة، وإن أوصى فيسقط التصدق، كما صرح به في الروضة (5).