نعم لما كان الاطلاع على أول ظهور الشعر من الجلد في غاية الندرة ونهاية الغرابة، وأن الغالب أنه لا يطلع عليه إلا بعد طوله، سيما إذا خرج حول المقعد وتحت الخصية، فلم يعتنوا بالنادر، ولا ريب أن الغالب أن الاطلاع بعد سبق البلوغ الذي هو أول الشروع في الخروج من الجلد، فيكون النزاع لفظيا.
ثم إن المشهور عدم اعتبار غير شعر العانة وما حول الفرج، مثل الإبط والفخذ وغيرهما، بل ظاهرهم الاجماع في غير شعر اللحية.
قال في المسالك في كتاب الحجر: لا عبرة بغير شعر العانة عندنا، وإن كان الأغلب تأخرها عن البلوغ إذا لم يثبت كون ذلك دليلا شرعيا، خلافا لبعض العامة (1) و (2).
وقال في الروضة: وفي إلحاق اخضرار الشارب ونبات اللحية بالعانة قول قوي (3).
وعن المبسوط أنه قال: ولا خلاف أن إنبات اللحية لا يحكم بمجرده بالبلوغ، وكذا سائر الشعور، وفي الناس من قال: إنه علم على البلوغ، وهو الأولى; لأنه لم تجر العادة بخروج لحيته من غير بلوغ (4).
وفي التحرير: والأقرب أن إنبات اللحية دليل على البلوغ، أما باقي الشعور فلا (5).
وعن التذكرة: ولا اعتبار بشعر الإبط عندنا، وللشافعي وجهان هذا أصحهما; إذ لو كان معتبرا في البلوغ لما كشفوا عن المؤتزر; لحصول الغرض من دون كشف العورة، والثاني أن نباته كنبات شعر العانة; لأن إنبات العانة يقع في أول تحريك الطبيعة في أول الشهوة، ونبات الإبط يتراخى عن البلوغ في الغالب، فكان أولى بالدلالة على حصول