شرعي يتوقف تعلقه بالإنسان على البلوغ مثل سائر الواجبات، فهو يشتمل على نوع من الدور، فلا بد أن يقال: إنما يتعلق التكليف على من ظهر عليه الإنبات، لا على من أنبت في نفس الأمر مطلقا.
ويمكن أن يقال: هذا التكليف مستثنى من مطلق التكليف، وإنما هو مشروط بالفهم لا بالبلوغ، فكما أن البلغ مكلفون في الواجبات المشروطة بالتفحص عن الشرط كما حققناه في غير موضع من تأليفاتنا، ولا يتوقف وجوبها على العلم بالشرط، بل منشأ الوجوب إنما هو وجوب الشرط، وقد أشرنا إليه في كتاب الزكاة من هذا الكتاب أيضا في معرفة النصاب ومقدار ما تعلقت به الزكاة في الدراهم المغشوشة، وفروعه في الفقه في غاية الكثرة، فكذلك الفاهمون أيضا في بعض التكاليف.
ومنه معرفة أنه هل بلغ أم لا، وتعلق به التكليف أم لا؟ ولعل الفقهاء كان ذلك مفروغا عنه عندهم، ولذلك لم يتوجهوا إليه. وكذلك الكلام في الفحص عن السن.
وأما التفاتهم إلى مسألة لزوم التعرض للإجماع أم لا، فلعله لأجل الإشكال في أنه هل المعيار في استعداد الحلم وزمانه كما يظهر من الراغب في مفرداته (1)، حيث فسر الحلم كما في الآية بذلك، أو فعليته.
فالحق أن المعتبر فيه الفعلية كما بينا.
ومنها: السن، وهو بلوغ خمس عشرة سنة في الذكر وتسع في الأنثى على المشهور، بل قال في المسالك في الأول: كاد أن يكون إجماعا (2) وعن صريح الغنية دعوى الاجماع (3)، وكذا عن ظاهر الخلاف والتذكرة (4).
وقال في كنز العرفان: في قوله تعالى: * (حتى إذا بلغوا النكاح) * (5) إنه أشار إلى