المبحث الثالث:
وقت النية على التحقيق هو حال الدخول في الفجر، بمعنى وجوب استصحابه للداعي على الإمساك المخصوص في الوقت المخصوص لله تعالى في وقت دخول الفجر.
وأما على ما ذهب إليه المتأخرون من اعتبار الإخطار بالبال، فيلزمهم تحري الوقت المقارن لدخول الفجر بحسب المقدور; لتحقيق النية المقارنة. وهو قريب من المحال، ولا ريب في تعسره جدا لو لم يتعذر.
ولكنهم ذكروا هنا أنه لا بد من حضورها عند أول جزء من الصوم، أو تبييتها بمعنى إيقاعها في جزء من الليل مع استمرار حكمها.
والاكتفاء بمطلق التبييت إنما يناسب القول بكفاية الداعي، لا وجوب الإخطار، مع أن حصول الداعي لا بد من مقارنته، وهو نفس استمرار الحكم، فلا معنى لجعل النية شيئا; واستمرارها شيئا آخر.
وعلى القول باعتبار الإخطار في النية فالاستمرار الحكمي إنما ينوب عن النية في أثناء العبادة كالصلاة; لامتناع الإخطار دائما، فلا وجه لنيابته في مثل ما نحن فيه.
فجمع الأصحاب بين القول بالاخطار والاكتفاء بمطلق التبييت مع استمرار الحكم مشكل، إلا أن يجعل ذلك أصلا آخر وتخصص به قاعدتهم لأجل العسر، بل وتكليف ما لا يطاق; ولمثل قوله عليه السلام: " لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل " (1) ونحوه (2).
ثم إن اعتبار الاستمرار على حكم النية على قول المتأخرين إلى الفجر وحصول