لكن هذه الشهادة تدل على حرمة الذبيحة على تقدير الإبانة لا حرمتها، فإن مناط الشهادة وقوع السؤال عن الإباحة، ولا ريب أن متعلقها فيه هو الذبيحة لا الإبانة، ولا ملازمة بين حرمة الذبيحة وحرمة الإبانة، فقد تكون مكروهة والذبيحة محرمة، كما عليه بعض الطائفة (1).
وكيف كان القول الثاني ضعيف غايته، مع أنه لا مستند له عدا أصالة الإباحة، وهي بتلك الصحاح مخصصة. وحمل النهي فيها على الكراهة لا وجه له.
ويستفاد من الصحيحة الأولى منها إباحة الذبيحة على تقدير المخالفة، ويعضده عمومات الأدلة أو إطلاقاتها (2) كتابا وسنة على إباحة ما ذكر عليه اسم الله سبحانه، وعليه الشيخ في الخلاف (3) والفاضل في المختلف (4) وولده فخر الدين (5) والشهيدان في الدروس (6) والمسالك (7) والروضة (8) وادعى الأول عليه إجماع الصحابة، قال بعدها: وروي عن علي (عليه السلام) أنه سئل عن بعير ضربت عنقه بالسيف، فقال: يؤكل، وعمران بن حصين قيل له: رجل ذبح بطة فأبان رأسها، فقال، تؤكل. وعن ابن عمر نحوه. ولا مخالف لهم.
خلافا لصريح النهاية (9) وابن زهرة (10) وظاهر ابن حمزة (11) بل والإسكافي (12) والقاضي (13) أيضا كما يظهر من عبارتهما المحكية، فاختاروا الحرمة.