لك الوجه بعد ملاحظة الأصل أيضا أنه (لا يضمن) أحد وإن أثم (لو منع المالك من إمساك الدابة المرسلة) فتلفت، لا عينها ولا منفعتها زمن المنع.
(وكذا) لا يضمنها (لو منعه من القعود على بساطه) والسكنى في داره فتلفا، لما عرفت من الأصل، وعدم صدق الغصب الموجب للضمان بالإجماع، بناء على فقد جزئه المفهوم منه لغة وعرفا هنا، وهو إثبات اليد.
قيل: ويشكل بأنه لا يلزم من عدم الغصب عدم الضمان، لعدم انحصار السبب فيه، بل ينبغي أن يختص ذلك بما لا يكون المانع سببا في تلف العين بذلك، بأن اتفق تلفها، مع كون السكنى غير معتبرة في حفظها، والمالك غير معتبر، في مراعاة الدابة، كما يتفق لكثير من الدور والدواب. أما لو كان حفظه متوقفا على سكنى الدار وركوب الدابة لضعفها أو كون أرضها مسبعة مثلا فإن المتجه الضمان، نظرا إلى كونه سببا قويا مع ضعف المباشر (1).
وهو حسن، وفاقا لجماعة من المتأخرين، كما في المسالك (2) والكفاية (3) واختاراه أيضا، لا لما ذكر من أن عدم الغصب لا يلزم منه عدم الضمان لاحتماله بسبب آخر، لنفيه بالأصل المتقدم، ولذا سلم عدم الضمان في صورة عدم سببية المانع للتلف، بل لأن نفي احتمال سببية سبب آخر في الضمان بالأصل إنما يتوجه حيث لا يمكن إثباته بدليل آخر أقوى منه وأخص، وهو في صورة سببية المانع وضعف المباشر ممكن، لعموم لا ضرر ولا ضرار في الدين (4) بناء على صدق الاضرار بمنع المانع في هذه الصورة عرفا، فيتوجه ضمانه حينئذ جدا.