وأما الأخبار الدالة على نفي الإضرار في ملك المضار فمع قصور سند بعضها وعدم مكافأته لما مضى يمكن حملها على ما إذا قصد المالك بالتصرف الإضرار دون رفع الحاجة، كما يشعر به بعض تلك الأخبار.
ثم على تقدير تسليم ترجيح حديث نفي الضرار لا وجه لتخصيصه بصورة تفاحش الضرر مع عمومه وشموله للغير.
(الثالثة: من باع) من غيره (نخلا) المراد به الجنس الشامل للمتعدد من أفراده بقرينة قوله: (واستثنى واحدة) منها (كان له المدخل إليها والمخرج) منها (ومدى جرائدها) بلا خلاف ظاهر ولا محكي; للخبر القوي بالسكوني - كما مر - في رجل باع نخلا فاستثنى غلة نخلة فقضى له رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالمدخل إليها والمخرج ومدى جرائدها (1) ولأن ذلك مقتضى الاستثناء فكأنه استثناها وشرط على المالك التردد إليها لإصلاحها وأخذ ثمرها، وذلك مقتضى العرف، وأنه مثل استحقاق صاحب الثمرة على النخلة مع انتقالها عن ملكه.
وينبغي أن لا يكون إلا لمصلحة تلك النخلة المتعارفة لا غير، اقتصارا على الأصل، بل والعرف، كما صرح به بعض الأصحاب. ومقتضى هذا الدليل انسحاب الحكم في كل ما يشابه محل البحث من نحو بيع الدار، واستثناء بيت منها، أو نحو ذلك.
واعلم أن الأنسب ذكر هذه المسألة في كتاب البيع في بحث ما يدخل في المبيع، كما فعله في الشرائع (2) وسائر الأصحاب، عدا الحلي (3) فإنه ذكرها كالماتن هنا في هذا الكتاب.